- The Financial Bridge
- Posts
- الأزمة الائتمانية لمنشآت القطاع الصغير والمتوسط في المملكة العربية السعوديةلماذا لم تعد أساليب الإقراض التقليدية مجدية؟
الأزمة الائتمانية لمنشآت القطاع الصغير والمتوسط في المملكة العربية السعوديةلماذا لم تعد أساليب الإقراض التقليدية مجدية؟

تجد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة نفسها أمام مفارقة واضحة, فهي تُعد ركيزة أساسية للنمو وخلق الوظائف، ومع ذلك تواجه أزمة ائتمانية حادة تحدّ من قدرتها على تحقيق كامل إمكانياتها. ففي الاقتصادات المتقدمة، تساهم المنشآت الصغيرة والمتوسطة بما يقارب 70٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بينما لا تتجاوز مساهمتها في المملكة حوالي 20٪ فقط. وتشكل هذه المنشآت ما يقارب 1.3 مليون منشأة – أي ما يمثل الغالبية العظمى من القطاع الخاص – وتوفر نحو 45٪ من إجمالي الوظائف، ما يبرز أهميتها في مسار التنويع الاقتصادي.
وقد نصت رؤية السعودية 2030 بوضوح على رفع مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من مستواها الحالي إلى 35٪ بحلول عام 2030. ورغم هذا الاعتراف بأهمية القطاع والدعم الحكومي الموجَّه له، ما زال الحصول على التمويل يشكل عقبة رئيسية.
إذ خصصت البنوك تاريخياً نسبة ضئيلة جداً من قروضها للمنشآت الصغيرة والمتوسطة – لم تتجاوز 4٪ من إجمالي الائتمان البنكي في عام 2018، وارتفعت تدريجياً لتبلغ نحو 8٪ فقط بحلول عام 2024. وهذا يترك فجوة تمويلية تقدّر بأكثر من 640 مليار ريال سعودي (ما يزيد عن 170 مليار دولار) وباختصار، تعتبر المنشآت الصغيرة والمتوسطة العمود الفقري للاقتصاد، لكنها تعد محرومة من الائتمان اللازم للنمو.
دور كبير وتمويل محدود
أطلقت الجهات المعنية في المملكة مبادرات عديدة لدعم نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتعزيز تمويلها، مثل برامج منشآت على مستوى المملكة، تأكيداً على دور هذا القطاع كمحور أساسي في استراتيجية النمو غير النفطي. وتشكل هذه المنشآت 99٪ من إجمالي عدد الشركات في المملكة، وتُعد أحد أعمدة تحقيق مستهدفات رؤية 2030. ورغم ذلك، يظل وصولها إلى التمويل متدنياً مقارنة بحجمها وأهميتها.
فحتى عام 2024، بلغ إجمالي القروض الممنوحة لهذا القطاع نحو 250 مليار ريال سعودي، أي ما يمثل 8٪ فقط من إجمالي الائتمان البنكي، وهي زيادة طفيفة مقارنة بالنسبة التي تراوحت بين 2٪ و5٪ قبل سنوات قليلة. ويستهدف برنامج تطوير القطاع المالي رفع هذه النسبة إلى 20٪ بحلول عام 2030. تحقيق هذا الهدف أمر حيوي لتمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة من بلوغ مساهمة تصل إلى 35٪ من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية العقد، ولتعزيز قدرتها على توليد فرص العمل.
ولا تعود هذه الفجوة التمويلية إلى ضعف الطلب، بل على العكس، تشير الاستطلاعات إلى أن نحو ثلث الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعتبر الحصول على التمويل عائقاً رئيسياً أمام نموها. وفي المملكة، تبقى آلاف الشركات الريادية – من الشركات التقنية الناشئة إلى ورش التصنيع – غير ممولة بشكل كافٍ أو خارج المنظومة المصرفية تماماً. وتترتب على ذلك تكلفة اقتصادية عالية: ابتكارات غير مستثمرة، وتباطؤ في نمو المنشآت، وزيادة الاعتماد على الشركات الكبرى أو الإنفاق الحكومي لتحقيق النمو.
إن مفارقة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية واضحة: يُطلب منها أن تكون محركاً رئيسياً للتنويع الاقتصادي، لكن قنوات التمويل التقليدية ما زالت بعيدة عن تلبية احتياجاتها.
لماذا تفشل نماذج الإقراض التقليدية في تلبية احتياجات المنشآت الصغيرة والمتوسطة؟
جوهر المشكلة يكمن في طريقة عمل البنوك التجارية التقليدية وآلية الإقراض اللي ماصارت مناسبة لواقع واحتياجات الكثير من المنشآت الصغيرة والمتوسطة. فالبنوك تميل بطبيعتها إلى التحفظ وتجنّب المخاطر، مفضّلة التعامل مع المقترضين الكبار ذوي السمعة المترسخة والوضع المالي المستقر. وهناك جملة من التحديات الجوهرية التي تجعل حصول المنشآت الصغيرة والمتوسطة على القروض البنكية أمراً صعباً:
محدودية السجل المالي والضمانات
الكثير من المنشآت الصغيرة والمتوسطة حديثة التأسيس ولا تمتلك تاريخاً ائتمانياً طويلاً أو أصولاً كبيرة يمكن رهنها كضمان.
غالباً ما تعتمد البنوك على سنوات من القوائم المالية وأصول ثابتة – في الغالب عقارية – لتأمين القروض، وهي معايير يصعب على الشركات الصغيرة تلبيتها. وفي الأسواق الناشئة، يُعد قصر مدة النشاط وغياب الضمانات من أبرز أسباب صعوبة حصول هذه المنشآت على التمويل.
٢. ارتفاع المخاطر المتصوَّرة
ترى نماذج التقييم التقليدية أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة أكثر خطورة بطبيعتها مقارنة بالشركات الكبرى.
ومع قلة البيانات التفصيلية عن المقترضين في هذا القطاع، تخشى البنوك ارتفاع معدلات التعثر، ما يدفعها لفرض اشتراطات صارمة وإجراءات تدقيق طويلة، أو رفض الطلبات بالكامل. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وباكستان (MENAP)، تعتبر البنوك أن تمويل هذا القطاع ينطوي على مخاطر ائتمانية أكبر، مما يحدّ من قدرتها على الإقراض.
٣. التكلفة العالية مقابل العائد
تقييم وإدارة عدد كبير من القروض الصغيرة قد يكون مكلفاً للبنوك. فالإجراءات المطلوبة لمنح قرض بقيمة 200 ألف ريال لا تختلف كثيراً عن تلك المطلوبة لقرض بقيمة 20 مليون ريال، لكن العائد من القرض الأصغر أقل بكثير.
هذه المعادلة تدفع البنوك إلى تفضيل قروض الشركات الكبرى أو المشاريع الحكومية على منح عشرات القروض الصغيرة للمنشآت.
٤. البيروقراطية وبطء الإجراءات
غالباً ما تكون عملية التقديم على القروض التقليدية بطيئة ومعقدة من حيث المستندات المطلوبة، وهو ما يثبط عزيمة رواد الأعمال الذين يتحركون بسرعة.
قد تنتظر المنشأة عدة أشهر للحصول على قرار ائتماني، ثم تُرفض لأسباب بسيطة تتعلق بالامتثال. هذا البطء لا يتناسب مع احتياجات المنشآت التي تحتاج تمويلاً عاجلاً – مثل شراء مخزون لتنفيذ عقد جديد.
٥. محدودية البيانات الائتمانية
حتى وقت قريب، كانت المملكة تفتقر إلى أنظمة شاملة لمعلومات الائتمان الخاصة بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
ورغم بدء الإصلاحات – مثل إنشاء مكتب ائتمان متخصص لهذا القطاع وتحسين أنظمة التقارير الائتمانية – فإن افتقار هذه المنشآت للشفافية المالية تاريخياً صعّب على البنوك تقييمها بدقة.
وقد ساهم برنامج كفالة في الحد من هذا التحدي عبر ضمان بعض القروض، إلا أن تأثيره ما زال محدوداً مقارنة بحجم الفجوة التمويلية الإجمالية، إذ بلغ حجم الضمانات حوالي 67 مليار ريال حتى مطلع عام 2022 فقط.
هذه العوامل أدت إلى واقعٍ أصبحت فيه قنوات الإقراض التقليدية عاجزة عن تلبية احتياجات المنشآت الصغيرة والمتوسطة على نطاق واسع.
حتى الشركات الصغيرة التي تُدار بكفاءة يمكن أن تُرفض طلباتها للحصول على القروض بسبب نقص الضمانات أو بسبب اتباع سياسات ائتمانية موحّدة لا تراعي خصوصية كل حالة.
وفي أي منظومة مالية سليمة، يجب أن يتدفق الائتمان نحو المنشآت القابلة للنمو حتى تتمكن من الاستثمار والتوسع وتوظيف المزيد من العاملين. وعندما لا يحدث ذلك، نشهد ما يمكن وصفه بـ "أزمة ائتمانية" للمنشآت الصغيرة والمتوسطة – أي نقص منهجي في توافر التمويل، حتى مع وجود سيولة في النظام المصرفي.
البنوك السعودية، رغم امتلاكها ودائع كبيرة واستثمارها في أصول منخفضة المخاطر، كانت بطيئة في تعديل نماذجها بما يتناسب مع احتياجات هذا القطاع، مما يعكس أن الإقراض التقليدي بصيغته الحالية غير مهيأ لتمويل الجيل الجديد من رواد الأعمال السعوديين.
ردم فجوة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة
إذا كانت النماذج التقليدية عاجزة عن تلبية الاحتياج، فإن الحلول المبتكرة في مجال التقنية المالية (Fintech) بدأت تملأ هذا الفراغ.
على مستوى العالم، تعمل شركات التقنية المالية على إعادة صياغة طريقة تقديم التمويل للشركات الصغيرة، وبدأت المملكة بالفعل تجني ثمار هذه الثورة. حيث توظف منصات الإقراض التقنية أحدث التقنيات لمعالجة المشكلات الجوهرية التي تواجهها البنوك التقليدية:
التقييم الائتماني المعتمد على البيانات:
تستفيد شركات التقنية المالية من مصادر بيانات بديلة لتقييم الجدارة الائتمانية للمنشآت. بدلاً من الاعتماد حصرياً على القوائم المالية المدققة أو الضمانات، تقوم بتحليل بيانات الأعمال الفعلية مثل إيصالات المبيعات، تدفقات الحسابات البنكية، مدفوعات الموردين، وحتى تقييمات العملاء. ومن خلال استخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات التعلم الآلي، يتم بناء صورة أكثر دقة لمستوى المخاطر، مما يقلل الحاجة إلى الضمانات ويدمج الشركات التي تفتقر للتاريخ الائتماني في منظومة التمويل.
المعالجة الآلية لطلبات التمويل:
توفر المنصات التقنية عمليات إقراض سريعة وفعّالة عبر الأتمتة، حيث يمكن للخوارزميات المتقدمة التحقق من المستندات، وتقييم المخاطر، واتخاذ القرار التمويني خلال دقائق، مع إمكانية صرف التمويل في نفس اليوم. هذه السرعة حيوية للمنشآت التي تحتاج رأس مال عامل عاجل، كما أن الأتمتة تقلل التكاليف التشغيلية، مما يجعل القروض الصغيرة مجدية اقتصادياً.
منتجات تمويل مبتكرة:
تقدم شركات التقنية المالية نماذج تمويل مصممة خصيصاً لاحتياجات المنشآت الصغيرة، مثل تمويل الفواتير، تمويل سلاسل الإمداد، والتمويل القائم على الإيرادات. على سبيل المثال، يمكن للمنشأة الحصول على سلفة مقابل فواتيرها المستحقة، أو سداد القرض كنسبة من الإيرادات الشهرية، وهي هياكل تتماشى مع التدفقات النقدية بدلاً من الاعتماد على أصول ثابتة.
الإقراض عبر المنصات والتمويل الجماعي:
تربط الأسواق الإلكترونية للإقراض المنشآت بالمستثمرين أو مصادر رأس المال البديلة عبر نماذج التمويل الجماعي أو الإقراض المباشر بين الأفراد. في المملكة، ظهرت منصات مثل ليندو | Lendo التي تتيح للأفراد والمؤسسات تمويل قروض المنشآت الصغيرة. وقد حصلت المنصة مؤخراً على تسهيلات تمويلية من بنك J.P. Morgan، مما يعكس الإقبال المتزايد على تمويل هذا القطاع خارج القنوات المصرفية التقليدية.
التمويل المدمج في المنصات التجارية:
اتجاه آخر يتمثل في إدماج حلول التمويل داخل المنصات الرقمية التي تستخدمها المنشآت فعلياً، مثل أسواق التجارة الإلكترونية أو أنظمة الدفع، بحيث يمكن منح القروض الفورية للتجار بناءً على بيانات مبيعاتهم، ما يوفر وصولاً سلساً وسريعاً إلى التمويل دون المرور بإجراءات القروض البنكية التقليدية.
إن أثر هذه الحلول التقنية واعد, فمع أن 40٪ من المنشآت الصغيرة والمتوسطة رسمياً في الدول النامية تواجه فجوة تمويلية تبلغ 5.2 تريليون دولار، إلا أن الابتكارات في التقنية المالية تسهم في تقليص هذه الفجوة تدريجياً. وفي الأسواق الناشئة، أثبت المقرضون المعتمدون على التكنولوجيا أن الكثير من المنشآت مؤهلة ائتمانياً إذا ما تم تحليل البيانات الصحيحة. ومن خلال الاعتماد على مؤشرات غير تقليدية – مثل المبيعات الإلكترونية أو سداد فواتير الخدمات أو بيانات سلسلة الإمداد – يمكن الكشف عن فرص تمويل كانت غائبة عن أنظار البنوك التقليدية.
كما أن شركات التقنية المالية أكثر استعداداً لتقديم القروض الصغيرة والمتناهية الصغر على نطاق واسع، بفضل الأتمتة والتوزيع الرقمي الذي يحافظ على انخفاض التكاليف. ونتيجة لذلك، باتت منشآت كانت "غير مرئية" في السابق تتلقى عروض تمويل بضغطة زر بسيطة .
سد فجوة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة: دور التقنية المالية في رسم مستقبل أكثر شمولية
تشهد المملكة العربية السعودية تحولًا اقتصاديًا واسع النطاق في ظل رؤية 2030، حيث تُعد المنشآت الصغيرة والمتوسطة ركيزة أساسية لتنويع مصادر الدخل وتعزيز النمو وخلق فرص العمل.
ومع ذلك، ما زالت هذه المنشآت تواجه تحديات كبيرة في الحصول على التمويل اللازم للنمو والتوسع، رغم توفر السيولة في النظام المصرفي.
الفجوة التمويلية: تحدٍ قائم رغم وفرة السيولة
تعاني العديد من المنشآت الصغيرة والمتوسطة – حتى تلك التي تُدار بكفاءة – من صعوبات في الحصول على القروض نتيجة نقص الضمانات أو بسبب السياسات الائتمانية التقليدية الموحدة. في بيئة مالية صحية، ينبغي أن يتدفق الائتمان إلى المنشآت القادرة على النمو والاستثمار. وعندما لا يحدث ذلك، يظهر ما يُشبه "أزمة ائتمان" لهذه الفئة، أي نقص منهجي في التمويل المتاح، حتى مع وفرة السيولة لدى البنوك.
ورغم امتلاك البنوك السعودية لرؤوس أموال كبيرة واستثمارها في أصول منخفضة المخاطر، إلا أن نماذجها الائتمانية لم تتكيف بالقدر الكافي مع احتياجات هذا القطاع الحيوي، مما يشير إلى أن التمويل التقليدي بصورته الحالية غير قادر على مواكبة متطلبات الجيل الجديد من رواد الأعمال السعوديين.
التقنية المالية كحل مبتكر لسد الفجوة
في ظل قصور النماذج التقليدية، برزت شركات التقنية المالية (Fintech) لتقديم حلول تمويلية مبتكرة، مستخدمة التكنولوجيا لتجاوز العقبات التي تواجهها البنوك. وتشمل هذه الحلول:
التقييم الائتماني القائم على البيانات: استخدام مصادر بيانات بديلة مثل التدفقات النقدية، وسجلات المبيعات، والمدفوعات للموردين، وحتى تقييمات العملاء، لبناء صورة أكثر دقة عن جدارة المنشأة الائتمانية، مما يقلل من الاعتماد على الضمانات التقليدية.
المعالجة الآلية للطلبات: أتمتة إجراءات التحقق والتقييم لاتخاذ قرارات الإقراض خلال دقائق، ما يتيح تمويلًا سريعًا ومنخفض التكلفة.
منتجات تمويل مبتكرة: مثل تمويل الفواتير، والتمويل المبني على الإيرادات، والتمويل المدمج ضمن المنصات الرقمية التي يستخدمها أصحاب الأعمال.
التمويل الجماعي عبر المنصات: ربط المنشآت مباشرة بالمستثمرين الأفراد والمؤسسات، كما هو الحال في منصات مثل ليندو التي حصلت على تسهيلات تمويلية من جهات عالمية مثل جي بي مورغان.
أبواب جسر ذكي بين الممولين والمنشآت
تأتي شركة أبواب كنموذج سعودي مبتكر، إذ تقدم منصة ذكاء اصطناعي متخصصة في تحليل البيانات الائتمانية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة.
تقوم المنصة بتحويل البيانات غير المهيكلة – مثل الفواتير وكشوف الحسابات البنكية والسجلات المحاسبية – إلى رؤى ائتمانية قابلة للتنفيذ، مما يمكّن البنوك وشركات التمويل من اتخاذ قرارات أسرع وأكثر دقة، وتقليل المخاطر، وتوسيع قاعدة العملاء المؤهلين للحصول على التمويل.
وكما أوضح المؤسس والرئيس التنفيذي براء كوشك، فإن الهدف هو "تقديم تقييم ائتماني ذكي وفعّال ينسجم مع مستهدفات رؤية 2030". فيما يضيف المستشار مازن التميمي، الذي يمتلك خبرة مصرفية وائتمانية تزيد عن 30 عامًا: "لا يمكن للأساليب التقليدية وحدها سد فجوة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، لذا نحن نوفر أدوات تعزز قدرة الممولين على اكتشاف الفرص الائتمانية الحقيقية".
السياق الخليجي والدروس العالمية
لا يقتصر هذا التحدي على المملكة، بل يمتد إلى جميع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تمثل المنشآت الصغيرة والمتوسطة النسبة الأكبر من الشركات المسجلة، إلا أن نصيبها من التمويل المصرفي ما زال محدودًا. وقد بدأت الحكومات الخليجية في إطلاق برامج ضمان وتمويل، وتأسيس بنوك تنموية، وفتح المجال أمام شركات التقنية المالية، لكن ثقافة الإقراض البنكي التقليدي ما زالت بطيئة في التغيير.
وعلى الصعيد العالمي، أثبتت التجارب أن دمج التكنولوجيا، وفتح البيانات المصرفية، وإتاحة منصات الإقراض البديل، يمكن أن يقلل الحاجة للضمانات المرهقة، ويزيد من شمولية النظام المالي.
وفي الختام
إن حل معضلة التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة ليس خيارًا، بل ضرورة اقتصادية ملحة. فكل مشروع قابل للنمو لا يحصل على التمويل هو فرصة اقتصادية مهدرة. ومع تكامل الجهود بين البنوك، وشركات التقنية المالية، والجهات الحكومية، يمكن بناء منظومة تمويلية أكثر شمولًا وكفاءة، تضمن تدفق الائتمان للمشاريع الواعدة، وتسهم في تنويع الاقتصاد وخلق فرص العمل. وفي هذا المسار، تمثل التقنية المالية – بما فيها حلول مثل أبواب كأداة استراتيجية لتحقيق هذا التحول، وفتح آفاق جديدة أمام رواد الأعمال السعوديين.